أعمدة الرأي

البعد_الآخر


مصعب بريــر … يكتب
من القضارف للخرطوم.. سوا بنقدر: إرادة الشباب تصنع الأمل من بين الأنقاض ..!

في خضم السحب الكثيفة التي خلفتها الحرب، حيث يبدو الألم عميقاً والدمار شاسعاً، تبرز من قلب المحن أعظم قصص الصمود والإنسانية. إنها القصة التي يكتبها شباب السودان بأنامل الأمل وقلوب عامرة بالعزيمة، قصة تثبت أن إرادة الحياة أقوى من كل دمار. إنها مبادرة “من القضارف للخرطوم… سوا بنقدر”، وهي ليست مجرد قافلة تطوعية، بل هي رسالة مفادها أن السودان سيُعمر مرة أخرى بأيدي أبنائه.
انطلقت شرارة هذه المبادرة الطموحة من ولاية القضارف، حيث استقبل الأمين العام للمجلس الأعلى للشباب والرياضة، الأستاذ المعز يوسف سعيد، وفد اتحاد شباب السودان برئاسة الأستاذ عبد الله البلولة. لم يكن اللقاء مجرد اجتماع روتيني، بل كان لحظة تخطيط استثنائية لواحدة من أسمى المبادرات الشبابية، تحت رعاية الفريق الركن محمد أحمد حسن، والي الولاية. ناقش الحضور بتفانٍ وإيمان كل التفاصيل، من الاحتياجات اللوجستية إلى المشاريع الميدانية، مشكلين لجاناً متخصصة لتتحول الفكرة إلى واقع ملموس.
إن جوهر هذه المبادرة لا يكمن فقط في أعداد متطوعيها الـ 300 شاب وشابة، ولا في ميزانيتها المقدرة بـ 96 مليون جنيه سوداني، بل في رؤيتها العميقة ورسالتها الإنسانية السامية. إنها تذهب إلى الخرطوم لا لعرض المساعدة فحسب، بل لتمثل أخوة السودانيين وتضامنهم، مؤمنة بأن “سوا بنقدر” – معاً نستطيع. رؤيتها تهدف إلى خلق بيئة صحية وسليمة، ورسالتها تتمحور حول تفعيل دور الشباب، ليس كمتطوعين مؤقتين، ولكن كشركاء فاعلين في بناء الوطن.
ستتحول هذه الرؤية إلى أفعال على مدار أسبوع كامل من العمل الدؤوب. سيمتد العطاء من حملات النظافة الشاملة وإزالة الحشائش والأنقاض، التي تُمثل إزالةً للتلوث البصري والبيئي، إلى الأنشطة الأكثر نبلاً: أيام علاجية مجانية، ومخيمات صحية، وتوزيع للأدوية، وحملات توعوية. كل هذا يتم بالشراكة مع منظمات محلية ودولية رائدة مثل منظمة CARE الدولية، أطباء بلا حدود، وMercy Corps، مما يعكس ثقة العالم في طاقة الشباب السوداني.
لكن التحديات حاضرة، من مخاطر صحية على المتطوعين إلى عقبات لوجستية وأمنية. إلا أن خطة متكاملة وضعت لتخفيف هذه المخاطر، مؤكدة أن الإرادة المصممة لا تعرف المستحيل. المتطوعون ليسوا فقط ليقوموا بمهمة وينصرفوا؛ هم هناك ليمدوا جسور الثقة مع مجتمعات الخرطوم، ليكونوا قدوة، وليشعروا إخوانهم أنهم ليسوا وحدهم.
النتائج المتوقعة تتجاوز الأرقام – كتنظيف 3-5 أحياء وتوعية أكثر من 2000 شخص – إلى إطلاق رسالة واضحة: أن شباب السودان هم وقود إعادة الإعمار، وهم حاملو مشعل الأمل. إنهم يبنون اليوم ليس فقط مراكز صحية نظيفة أو شوارع خالية من النفايات، بل يبنون أساساً لمستقبل أفضل، حيث يصبح العمل التطوعي ثقافة والوحدة الوطنية مصيراً محتوماً.

بعد اخير :
خلاصة القول، هذه المبادرة هي أكثر من مجرد مشروع؛ هي نموذج يحتذى به، ودعوة لكل شاب ومواطن أن يشارك في رفع راية السودان. هي تذكير بأن اللبنات الأولى لإعادة البناء تبدأ بيد تمسح الغبار، وقلب يرفض اليأس، وشعب يؤمن بأنه “سوا بنقدر”.. وأخيرا، فلتكن قافلة القضارف نبراساً يضيء الطريق لكل السودان، وبرهاناً على أن النهضة تبدأ بخطوة شاب، وعطاء متطوع، وإرادة أمة لا تقهر … و نواصل إن كان فى الحبر بقية بمشيئة الله تعالى ..

ليس لها من دون الله كاشفة
حسبنا الله ونعم الوكيل
اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ، و لا يرحمنا يا أرحم الراحمين
#البعد_الاخر | مصعب بريــر
الأحد (22 سبتمبر 2025م)
musapbrear@gmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى