أحرف حرة
إبتسام الشيخ
خطاب البرهان رسائل لعُدة أهداف
في تقديري أن خطاب رئيس مجلس السيادة أمام القوى السياسية أمس كان من أفضل الخطابات التي قدمها في فترة الحرب ،
جاء الخطابا متوازنا ، ودل على إحترام وتقدير كبيريين للقوى السياسية التي ظلت في مشاورات ونقاشات لفترة ليست بالقصيرة ، نتجت عنها الرؤية التي قُدمت بشكلها الأخير كمشروع وطني ، وهو جُهد بشري يُقدر لمن قاموا به ، إلا أنه قطعا غير مبرأ من العيوب ، وقد يُحظى بتوافق شعبي كبير وقد يُختلف الناس على مخرجاته ، وأعتقد أن هذا هو التحدى الأكبر في وجه هذا الجُهد ، لذا أرى أن من الضروري والمهم أن يُعاد النظر فيما يتعلق بالفترة الإنتقالية والعمل على معالجة هذه النقطة بشكل أكثر وضوحا حتى لا تؤسس لمشكلة ،
رغم الهياج الذي قام به بعض منسوبي حزب المؤتمر الوطني ورغم بعض الحدة أو الجفاف الذي وسم بعض عبارات سيادة الرئيس في خطابه إلا أن الخطاب حوى رسائل ضمنية مهمة ، بعث بها للمجتمع الدولي والإقليمي من شأنها أن تُشعرهم بالأمان وتحفزهم في أن يواصلوا في إستقرارهم في التعامل مع السودان ،
نعلم نحن كسودانيين وسيحفظ التأريخ وذاكرة الأمة السودانية أن الشعب السوداني جميعه ، رجالا ، نساء واطفال التحم في سند الجيش ومحاربة المليشيا ، وقدم تضحيات مختلفة ، دون مظلات أو خلفيات أو ألوان سياسية ،
وربما أراد رئيس مجلس السيادة التأكيد على أنه لا وجود لكيان سياسي بين المقاتلين أو المستنفرين ،
وهذا مانرفع صوتُنا به كسودانيين ، جميعنا قاتلنا على امتداد المناطق التي دنستها المليشيا واستهدفت أهلها ، بل على امتداد السودان كآفة ، بمختلف الوسائل ، بالنفس ، بالقلم ، بالمواقف ، وغيرها ،
لذلك أرى ويرى البعض ومنهم إسلاميون أن ردة فعل بعض الإسلاميين على خطاب البرهان غير مبررة سواء أن كانوا أشخاص أو ممثلين لمؤسسات المؤتمر الوطني الذي خرج بأربعة أو ثلاثة بيانات ،
بيانات تضمنت شيئ من المذايدة والمكابرة ، وفي تقديري يحتاج كل من تمثله هذه البيانات إلى نظرة أكثر وعيا لحمى الوطن وللقومية السودانية ، ورسائل الرئيس يفترض أن تكون قد وصلت بصورة واضحة إلى الأهداف التي أُرسلت إليها ،
وإن كان المؤتمر الوطني يتحدث عن ألف وثلاثمائة شهيد ، فقد أًستشهد في هذه الحرب مايفوق الستة آلاف في إحصاءات غير مؤكدة ،
وقطعا العدد يذيد ، فقد ذهبت أرواح كثيرة حالت الظروف المعلومة دون أن تُدرج في سجلات الشهداء ،(الله عالمهم ونسأله أن يتقبلهم ) ،
ماتت نساء في سُوح القتال ، فضلا عن ميارم الفاشر الصامدات كالجبال لا يعرفن الكيانات السياسية ولا اللافتات الحزبية ،
ويا إخوة الوطن ينبغي ألا تنسوا أنه عندما تولت الحرية والتغيير زمام أمر الحكم ، كتبت في الوثيقة الدستورية أن المؤتمر الوطني لن يشارك في أي عملية سياسية ، لا في القريب العاجل ولا في المستقبل ،
بمعنى أن الحرية والتغيير حّرمت العمل السياسي على المؤتمر الوطني حتى في المستقبل ،
أما البرهان فقد قال سنسمح للمؤتمر الوطني بالعمل السياسي بعد إنتهاء الفترة الإنتقالية ، بمعنى إعادة المؤتمر الوطني للمشهد ولو بعد حين ،( فما لكم ، كيف تحكمون ) ، هذا فضلا عن أن القوى السياسية التي وقعت على وثيقة المشروع الوطني لا يعني أنها ستحكم ،
لا شيئ في سودان مابعد الحرب سيكون أو يمضي دون توافق الشعب السوداني العظيم .
حفظ الله البلاد والعباد