شئ للوطن
م. صلاح غريبة – مصر
Ghariba2013@gmail.com
الدور المرتقب لجهاز المغتربين: رؤية لمرحلة ما بعد الحرب
يمر السودان اليوم بمنعطف تاريخي، فبينما يترقب الجميع نهاية الصراع الدامي، تبرز تحديات كبيرة لمرحلة ما بعد الحرب وإعادة الإعمار. في هذا السياق، يصبح دور جهاز تنظيم شؤون السودانيين بالخارج محوريًا، لا مجرد جهة خدمية، بل كشريك أساسي في بناء المستقبل. لقد أثبتت التجارب الدولية، وعلى رأسها التجربة المصرية، أن الجاليات في الخارج ليست مجرد “طيور مهاجرة” بل هي “جسر” يربط الوطن بالعالم، ومصدر قوة لا يُستهان بها.
نقترح من الاخوة في إعلام الجهاز إطلاق او تحديث بوابة اعلامية، بجانب منصات الفيسبوك الحالية، تجمع بين الجانب الخدمي، التفاعلي، والاستثماري. وهو ما يجب أن يتبناه جهاز تنظيم شؤون السودانيين بالخارج لتقديم الخدمات والمعلومات الشاملة، يجب أن يكون الجهاز مرجعاً موثوقاً لكل سوداني في الخارج. فبعد الحرب، ستكون هناك حاجة ماسة لمعلومات دقيقة حول إعادة بناء الوثائق، الإجراءات القانونية، فرص العودة الآمنة، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي. يجب أن يوفر الجهاز منصة إلكترونية متكاملة، تجيب على كل استفسار، وتلبي كل حاجة، من استخراج الأوراق الرسمية إلى معرفة اللوائح الجمركية. هذه المنصة ستكون بمثابة “بيت” إلكتروني يجمع السودانيين بوطنهم.
تعتبر التحويلات المالية للمغتربين مصدرًا حيويًا لاقتصاد أي بلد وجسرا للاستثمار، ولكن الدور يمكن أن يتجاوز ذلك. يمكن للجهاز أن يصبح حلقة وصل بين الكفاءات السودانية في الخارج وفرص إعادة الإعمار في الداخل. من خلال عرض فرص استثمارية واضحة ومجدية، يمكن أن يساهم المغتربون ليس فقط بأموالهم، بل بخبراتهم في مجالات الهندسة، الطب، التكنولوجيا، وإدارة المشاريع. السودانيون في الخارج يحملون مهارات ومعارف يمكن أن تسرّع عملية التعافي الاقتصادي بشكل كبير وإعادة الإعمار.
إحدى أبرز نقاط القوة لدى الجالية السودانية هي وجود عدد كبير من الأكاديميين، الأطباء، والمهندسين والخبراء في مختلف المجالات. يمكن للجهاز أن ينشئ قاعدة بيانات لهذه الكفاءات، ويعمل على إشراكهم في المشاريع الوطنية لإعادة الإعمار والتنمية. سواء كان ذلك من خلال برامج عودة مؤقتة للمساهمة في مشاريع محددة، أو عبر الاستشارات عن بُعد، فإن هذا الإشراك يضمن أن عملية البناء تتم بأيدٍ سودانية، مستفيدة من أفضل الخبرات العالمية و إشراك الكفاءات الوطنية.
لا يقتصر دور الجهاز على الجوانب المادية. فقد تركت الحرب آثارًا نفسية عميقة على السودانيين سواء في الداخل أو الخارج. يجب أن يقدم الجهاز الدعم المعنوي والاجتماعي والنفسي، ويعزز من شعور الانتماء عبر تنظيم الفعاليات، وربط الأجيال الشابة بوطنها الأم. كما أن وجود مساحة تفاعلية مثل “رأيك يهمنا” في البوابة، يتيح للجالية فرصة التعبير عن آرائهم، وطرح مقترحاتها، والشعور بأن صوتها مسموع ومؤثر.
في الختام، إن إعادة الإعمار في السودان لا تقتصر على بناء المباني، بل تشمل إعادة بناء الثقة، الأمل، والانتماء. إن الجهاز السوداني لتنظيم شؤون السودانيين بالخارج يمكنه أن يتحول من مجرد هيئة إدارية إلى قوة دافعة للتغيير، محفزاً للوحدة، ورمزاً حقيقياً للترابط بين الوطن وأبنائه المنتشرين في أصقاع الأرض.
بجانب الإجماع على تغيير تبعيته الحالية ليكون ضمن هيئات وزارة الخارجية والتعاون الدولي.