أعمدة الرأي

من  نيل القاهرة إلى قلب إفريقيا: تجربة خريج سوداني في منحة ناصر للقيادة العالمية

كوشى نيوز

بقلم: البشير دهب – السودان
خريج منحة ناصر للقيادة العالمية | الدفعة الخامسة

في عالمٍ مضطربٍ يُعيد تشكيل خرائطه كل يوم، تظل بعض البقاع ثابتة كالبوصلة، ترشد الحالمين وتجمع المتفرقين، وتُعيد للأمل معناه. هناك، في قلب التاريخ والحضارة، تقف جمهورية مصر العربية، لا كدولةٍ عابرة، بل كراعيةٍ للمستقبل، وراصدةٍ لنبض الشباب. ومن رحم رؤيتها المتجددة، وُلدت منحة ناصر للقيادة العالمية، لتحمل اسم الزعيم العربي الخالد جمال عبد الناصر، وتُجسد روحه في سعيه من أجل العدالة والحرية والوحدة.

تجربة تتجاوز الحدود

تحت شعار “مصر والأمم المتحدة: 80 عاماً تمثيلاً لقضايا الجنوب العالمي”، اجتمعت نخبة من الشباب من أكثر من 60 دولة – من إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية وحتى أوروبا – ليلتقوا لا على أساس جنسياتهم، بل على وحدة قضاياهم، وطموحاتهم، وإيمانهم بالإنسان أولًا.

ومن بين هؤلاء، كان لي الشرف أن أكون مُمثلاً لجمهورية السودان، أحمل رايتها في هذا المحفل، وأروي قصتها، وأستمع لقصص الآخرين. لم تكن التجربة مجرد برنامج تدريبي، بل كانت رحلة وعي، ومخيمًا فكريًا، وملتقى إنسانيًا بامتياز.

مصر… حيث تُصنع الجسور لا الجدران

منذ اللحظة الأولى، شعرت أنني لم آتِ إلى بلدٍ غريب، بل عدت إلى بيتٍ أكبر، يحملني ويحتويني. كانت القاهرة بوجوهها وناسها وتاريخها، تهمس لي: هنا أنت لست ضيفًا، بل جزء من النسيج.

لم تكتف مصر بتنظيم منحة دولية؛ بل قدّمت نموذجًا عمليًا لما تعنيه القيادة بالقيم، والمبادرة بالرؤية، والانفتاح على الآخر.

شكرٌ بحجم الامتنان

🔹 لفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي آمن بالشباب قبل أن يُنادينا. لقد كانت رعايتكم لهذه المبادرة بمثابة إعلان واضح أن مصر لا تنعزل داخل حدودها، بل تحرس حلم إفريقيا والعالم العربي والجنوب العالمي.

🔹 لمعالي الدكتور أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة، الذي كان القائد القريب من الجميع، والمُلهم في كل لحظة. لا كلمات توفي قدر إخلاصكم، فقد كنتم نموذجًا لما يجب أن يكون عليه صانع السياسات الشبابية.

🔹 للشعب المصري العظيم، الذي قدّم لنا ما هو أغلى من الضيافة: الانتماء. جعلتمونا نشعر أن النيل لا يسأل عن الجنسية، بل يروي العطاشى إلى السلام والحب، أيًا كانت أرضهم.

من مصر إلى العالم… رسالة شباب الجنوب

قال الزعيم جمال عبد الناصر:
“إن أمتنا ليست تجمعًا جغرافيًا، بل رابطة حضارية تعيش بإرادتها الواعية.”

وهذا ما شاهدته في القاهرة: وحدةٌ لا تذيب الخصوصيات، بل ترفعها، وتحولها إلى فسيفساء من القوة والتكامل.

خرجنا من المنحة لا نحمل شهادات فقط، بل نحمل عهدًا جديدًا: أن نكون قادة بالمعنى الأخلاقي، ومبادرين بالمعنى العملي، وموحدين بالمعنى الإنساني.

ختامًا… من قلب التجربة

من قلب القاهرة، حملت معي صداقات لا تنتهي، وأفكارًا تتجاوز المسافات، وذكرى ستظل محفورة في وجداني ما حييت. ولأن المصير مشترك، والنهر واحد، فإنني أعود إلى السودان محمّلًا برسالة: أن نُكمل الطريق معًا، وأن نُعيد صياغة واقعنا بأيدي شبابنا.

الفرد من أجل الجميع، والجميع من أجل الفرد.

مع خالص الامتنان والتقدير،
البشير دهب
خريج منحة ناصر للقيادة العالمية | ممثل السودان
📧 albashirdahab@gmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى