شئ للوطن
م.صلاح غريبة … يكتب
دعوة السودان لليونيدو: بصيص أمل لنهضة صناعية مستدامة
يمر السودان بفترة عصيبة جراء الصراعات التي أدت إلى دمار واسع النطاق في بنيته التحتية، لا سيما القطاع الصناعي الذي تعرض لعمليات تخريب ونهب ممنهجة. في خضم هذه التحديات، برزت دعوة السودان لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو) ودولها الأعضاء بصيص أمل لإعادة إعمار هذا القطاع الحيوي وإعادة بناء الاقتصاد السوداني. هذه الدعوة، التي قدمها السفير مجدي أحمد مفضل في اجتماعات مجلس التنمية الصناعية اليونيدو، لا تقتصر على طلب الدعم المالي فحسب، بل تمثل رؤية شاملة لنهضة صناعية مستدامة.
تتمحور الرؤية السودانية حول إنشاء مجمعات زراعية صناعية متكاملة. هذا التوجه يعكس فهمًا عميقًا لإمكانيات السودان الزراعية الهائلة، والتي إذا ما تم ربطها بالقطاع الصناعي بفعالية، يمكن أن تحقق قيمة مضافة هائلة وتوفر فرص عمل واسعة. فبدلاً من تصدير المواد الخام الزراعية، يمكن للسودان تحويلها إلى منتجات نهائية ذات قيمة أعلى، مما يعزز سلاسل القيمة المحلية ويحقق الاكتفاء الذاتي. يضمن هذا النهج ربط المزارعين بالمعامل والمصانع والموزعين، مما يخلق نظامًا اقتصاديًا متكاملًا ومترابطًا يدعم جميع الأطراف.
تتضمن الدعوة أيضًا جانبين حيويين لمستقبل الصناعة في السودان: تعزيز استخدام الطاقات المتجددة في الصناعة وإنشاء مراكز للتدريب المهني. يعكس التركيز على الطاقة المتجددة التزامًا بالتنمية المستدامة والحد من الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية، مما يقلل من التكاليف ويحمي البيئة. أما إنشاء مراكز للتدريب المهني في التصنيع الزراعي والمهارات الرقمية، فهو خطوة أساسية لتمكين الشباب السوداني وتزويدهم بالمهارات اللازمة لسوق العمل المتطور. هذا الاستثمار في رأس المال البشري يضمن توافر الأيدي العاملة المدربة والقادرة على قيادة عملية التحول الصناعي.
لا تقتصر الرؤية السودانية على الزراعة والتصنيع فقط، بل تمتد لتشمل تعزيز التعدين المسؤول وربط رواد الأعمال السودانيين بالأسواق الخارجية. يهدف التعدين المسؤول إلى استغلال الثروات المعدنية في السودان بطريقة مستدامة بيئيًا واجتماعيًا، مما يضمن تحقيق أقصى استفادة منها للأجيال القادمة. أما ربط رواد الأعمال بالأسواق الخارجية، فهو مفتاح لفتح آفاق جديدة للاستثمار والتصدير، مما يمكن الشركات السودانية من الوصول إلى أسواق أوسع وزيادة تنافسيتها على المستوى العالمي.
تعد دعوة السودان لليونيدو ودولها الأعضاء بمثابة نداء للمجتمع الدولي للوقوف إلى جانب السودان في هذه المرحلة الحرجة. إن دعم هذه الرؤية الطموحة ليس مجرد مساعدة إنسانية، بل هو استثمار في مستقبل مستقر ومزدهر للمنطقة بأسرها. إن تنفيذ هذه المبادرات سيسهم بشكل كبير في إعادة بناء الاقتصاد السوداني، وتوفير فرص العمل، وتحقيق الأمن الغذائي، وتعزيز السلام والاستقرار. مع انعقاد الدورة الحادية والعشرين للمؤتمر العام لليونيدو في الرياض في نوفمبر 2025، يحدونا الأمل في أن تلقى هذه الدعوة الاستجابة المرجوة، وأن تتحول رؤية السودان إلى واقع ملموس يعود بالنفع على الشعب السوداني والمجتمع الدولي بأسره.
Ghariba2013@gmail.com