شئ للوطن
م.صلاح غريبة … يكتب
النفايات ولهيب الخطر: تحذير لأهالي الخرطوم والجزيرة
مع عودة الحياة تدريجياً إلى أحياء الصالحة وجميع المناطق المحررة حديثاً في الخرطوم والجزيرة، يبرز تحدٍ خطير يهدد سلامة السكان: حرق النفايات في الهواء الطلق. قد يبدو هذا الفعل حلاً سهلاً للتخلص من الأنقاض ومخلفات الحياة اليومية، لكنه في الواقع يخفي وراءه مخاطر جسيمة، خاصة في ظل وجود تركة الحرب من ذخائر غير منفجرة وبقايا معدات عسكرية متناثرة.
إن حرق النفايات وسط الأحياء السكنية لا يقتصر ضرره على التلوث البيئي الناتج عن انبعاث الغازات السامة والجزيئات الدقيقة، والتي تسبب أمراض الجهاز التنفسي والسرطان وغيرها من المشاكل الصحية الخطيرة. ففي هذه المناطق، تتضاعف المخاطر بشكل كبير بسبب احتمال وجود ذخائر حرب لم تنفجر بعد، أو بقايا معدات عسكرية قد تحتوي على مواد قابلة للانفجار أو الاشتعال. إن أي شرارة ناجمة عن حرق النفايات يمكن أن تحول مكب قمامة بسيط إلى كارثة حقيقية، تهدد الأرواح والممتلكات.
لقد عايش أهالي الخرطوم والجزيرة ويلات الحرب، ورأوا بأعينهم حجم الدمار الذي خلفته. ومع عودة الحياة إلى طبيعتها، يجب أن نكون أكثر وعياً وحرصاً على تجنب أي ممارسات قد تعيدنا إلى دائرة الخطر. إن التخلص غير الآمن من النفايات هو أحد هذه الممارسات التي يجب التصدي لها بوعي وإدراك.
تؤكد مبادرة النفايات على أهمية اتباع نهج متكامل لإدارة النفايات الصلبة. فالحلول موجودة وفعالة، وتتمثل في دعم إنشاء أنظمة متكاملة لجمع النفايات، والتي تشمل تحسين جمع النفايات وتقليل انتشارها في الشوارع أو المكبات العشوائية المعرضة للحرق. هذا لا يقلل فقط من المخاطر البيئية والصحية، بل يساهم أيضاً في إشراك ملتقطي النفايات غير الرسميين في القطاع الرسمي، مما يوفر لهم فرص عمل كريمة.
كما أن الإدارة المحسنة لمدافن النفايات تلعب دوراً حاسماً في تقليل حدوث الحرائق العفوية. فالمدافن التي تُدار بشكل صحيح تقلل من تراكم المواد القابلة للاشتعال، مما يحد من خطر الحرائق التي يمكن أن تمتد إلى المناطق السكنية.
لكن الأهم من كل ذلك هو الدور الذي يلعبه الوعي المجتمعي. يجب أن تتضافر الجهود لتنفيذ حملات توعية مكثفة تثقف الجمهور حول مخاطر حرق النفايات في الهواء الطلق وتشجع على منع توليد النفايات من الأساس. كل فرد في المجتمع مسؤول عن حماية نفسه وأسرته وجيرانه من هذه الممارسات الخطيرة.
يا أهل الصالحة وكل المناطق المحررة، لا تحرقوا النفايات. إنها دعوة لإنقاذ الأرواح والحفاظ على ما تبقى من أمن واستقرار. لنتعاون جميعاً من أجل بيئة آمنة وصحية، ومستقبل خالٍ من أشباح الحرب.
Ghariba2013@gmail.com