شئ للوطن
م.صلاح غريبة … يكتب
المشروع الوطني لرتق النسيج الاجتماعي… بصيص أمل في مرحلة ما بعد الحرب
يمر السودان بمرحلة عصيبة تتطلب تكاتف الجهود لإعادة بناء ما دمرته الحرب، ليس فقط على الصعيد المادي، بل الأهم هو ترميم الروابط الاجتماعية التي اهتزت بفعل الصراعات. في هذا السياق، يبرز المشروع الوطني لإصلاح وإعمار النسيج الاجتماعي كبارقة أمل حقيقية، وخطوة ضرورية نحو تحقيق السلام والاستقرار المستدام.
إن إطلاق هذا المشروع، برعاية كريمة من نائب رئيس الجمهورية السيد مالك عقار، وبتنفيذ من كيانات وازنة مثل هيئة علماء السودان، مشروع نهضة السودان، وحكماء الأمة، يضفي عليه شرعية ومصداقية تزيد من فرص نجاحه. فبعد سنوات من الانقسام والفرقة، أصبح الشعب السوداني في أمس الحاجة إلى مبادرة شاملة تعيد اللحمة بين مكوناته المختلفة.
ما يلفت الانتباه في هذا المشروع هو التركيز المحوري على دور الإعلام. فكما أوضح الدكتور إبراهيم عبد الله إبراهيم حسين، نائب المدير التنفيذي للمشروع، فإن الإعلام هو “الركيزة الأساسية في نشر ثقافة السلام وتقبل الآخر”. هذه الرؤية الثاقبة تؤكد على فهم عميق لدور الإعلام في تشكيل الوعي العام، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، ومكافحة خطاب الكراهية الذي فاقم من حدة الانقسامات.
لقد جاء تأكيد الدكتورة نجلاء حسين المكابرابي، الأمين العام لقطاع الإعلام ونائبة المشروع، على اكتمال خطة أمانة الإعلام، ليثبت الجدية في البدء الفوري بهذا الجهد الضخم. دعوتها للإعلاميين والصحفيين والكتاب للانضمام إلى هذا المشروع، والتبشير به لإحداث “صدمة إيجابية” في نفوس الشعب السوداني، لهو دليل على الإيمان الراسخ بقدرة الإعلام على تغيير الواقع، والانتقال من “ظلمات القطيعة إلى نور الحب والمودة بين الناس”.
لا شك أن الأهداف التي يطمح إليها المشروع، من توحيد الشعب خلف قيادته، وتعزيز المصالحات، ونبذ القبلية والجهوية والعنصرية، هي ركائز أساسية لأي مجتمع ينشد السلام والتقدم. فالأديان السماوية كلها تدعو إلى التآخي والمحبة، والتخلص من هذه الآفات الاجتماعية التي تسببت في الكثير من الويلات.
إن التحدي الأكبر الذي يواجه هذا المشروع يكمن في مدى قدرته على الوصول إلى جميع فئات المجتمع، والتأثير في العقول والقلوب التي ربما تكون قد تشربت سنوات من الكراهية والعداوة. يتطلب ذلك خطة إعلامية مبتكرة، لا تقتصر على القنوات التقليدية، بل تمتد لتشمل وسائل التواصل الاجتماعي، والفعاليات المجتمعية، والمبادرات الشبابية، لضمان انتشار رسالة الوحدة والتآلف على نطاق واسع.
يمثل المشروع الوطني لإصلاح وإعمار النسيج الاجتماعي فرصة تاريخية للسودان لطي صفحة الماضي والتوجه نحو مستقبل أفضل. يتطلب نجاحه تضافر جهود الجميع، من قادة سياسيين ودينيين ومجتمعين، وإعلاميين، ومواطنين عاديين، لكي يتحقق الحلم السوداني في وطن ينعم بالسلام والمحبة والوئام.
Ghariba2013@gmail.com