أعمدة الرأي

شئ للوطن

صلاح غريبة
صلاح غريبة.. يكتب
عودة السودان إلى “مسار الخرطوم”: نافذة أمل وسط تحديات الهجرة المعقدة

يمثل الإعلان عن الموافقة المبدئية لعودة السودان إلى مؤتمر “مسار الخرطوم” المتعلق بالعودة الطوعية، بارقة أمل في خضم التحديات الإنسانية والمعيشية التي يواجهها السودان والمنطقة. هذه العودة، التي تأتي بعد انقطاع دام لعدة سنوات، تحمل في طياتها إمكانية تعزيز التعاون الإقليمي والدولي لمعالجة قضية الهجرة المعقدة، التي تتشابك فيها الأبعاد الإنسانية والاقتصادية والسياسية.
إن “مسار الخرطوم”، كشراكة بين المجموعة الأوروبية وعدد من الدول الأفريقية المهتمة بقضايا الهجرة والعودة الطوعية، يمثل منصة حيوية لتبادل الخبرات وتنسيق الجهود ووضع السياسات المشتركة. وتأتي موافقة السودان المبدئية، والتي من المتوقع أن تتحول إلى موافقة نهائية خلال الاجتماع الوزاري المنعقد في العاصمة الإدارية المصرية، في توقيت بالغ الأهمية. فالسودان، الذي يعاني من تحديات اقتصادية وسياسية وأمنية متزايدة، يواجه تدفقات هجرة داخلية وخارجية كبيرة، مما يستدعي تضافر الجهود الإقليمية والدولية لإدارة هذه التدفقات بشكل إنساني ومنظم.
إن مشاركة السودان الفاعلة في “مسار الخرطوم” يمكن أن تساهم في تحقيق عدة مكاسب. أولاً، ستمكن السودان من الاستفادة من الخبرات والمعارف المتراكمة لدى الدول الأخرى المشاركة في المسار في مجال إدارة الهجرة والعودة الطوعية. ثانياً، ستوفر هذه المنصة فرصة للحصول على الدعم الفني والمالي من الشركاء الأوروبيين والدوليين لتنفيذ برامج ومبادرات تهدف إلى تنظيم الهجرة وحماية حقوق المهاجرين واللاجئين. ثالثاً، ستعزز هذه المشاركة من مكانة السودان كشريك إقليمي فاعل في معالجة القضايا المشتركة، مما قد يفتح آفاقاً أوسع للتعاون في مجالات أخرى.
بالإضافة إلى ذلك، يكشف لقاء وزير الخارجية بوزيرة الدولة للخارجية الألمانية ومدير المكتب الإقليمي لمنظمة الهجرة الدولية على هامش هذه الاجتماعات عن اهتمام دولي متزايد بالشأن السوداني وتحديات الهجرة التي يواجهها. ويؤكد هذا الاهتمام على أهمية تضافر الجهود الدولية لدعم السودان في هذه المرحلة الدقيقة. كما أن التباحث حول عودة السودانيين من مصر وليبيا بإشراف منظمة الهجرة الدولية يمثل خطوة إيجابية نحو ضمان عودة آمنة وكريمة للمواطنين السودانيين الراغبين في العودة إلى وطنهم.
ومع ذلك، لا يمكن تجاهل التحديات الكبيرة التي تواجه السودان في مجال الهجرة. فالوضع الاقتصادي الهش والنزاعات الداخلية والظروف الأمنية غير المستقرة قد تعيق جهود العودة الطوعية وتزيد من تدفقات الهجرة غير النظامية. لذلك، فإن المشاركة في “مسار الخرطوم” يجب أن تترافق مع جهود وطنية شاملة لمعالجة الأسباب الجذرية للهجرة، بما في ذلك تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي وتوفير فرص العمل وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين.
ختاماً، تمثل عودة السودان إلى “مسار الخرطوم” خطوة مهمة نحو تعزيز التعاون الإقليمي والدولي في مجال إدارة الهجرة والعودة الطوعية. ومع التحديات الكبيرة التي يواجهها السودان، فإن الانخراط الفاعل في هذا المسار، إلى جانب الجهود الوطنية المخلصة والدعم الدولي المستمر، يمكن أن يساهم في التخفيف من وطأة أزمة الهجرة وتحقيق عودة آمنة وكريمة للمواطنين السودانيين، وبناء مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً للمنطقة بأسرها.
Ghariba2013@gmail.com.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى