Uncategorized

النصر العسكري على الأرض: هل سيحقق السودان الاستقرار السياسي؟

بورتسوان متابعات كوشى نيوز

كوشي: فدوى خزرجي

*عضو الحراك الثوري بالمملكة المتحدة وإيرلندا:
ضرورة التركيز على استكمال العمليات العسكرية في كردفان ودارفور،

* التقدم العسكري قد يفتح المجال لحوار سياسي جديد، بشروط جديدة تفرضها القوات المسلحة.

*الحوار الوطني يجب أن يكون شاملاً لضمان مان الانتقال السياسي السلمي.

مواطنون: في ظل هذا الوضع، تزداد المخاوف من تصاعد خطاب العنصرية والكراهية.

بعد عامين من النزاع العنيف الذي أسفر عن دمار واسع في أنحاء السودان، أعلنت القيادة العسكرية السودانية عن استعادة شبه كاملة للسيطرة على العاصمة الخرطوم، في خطوة وصفها العديد بأنها قد تكون نقطة تحول فارقة في مسار الصراع. العمليات العسكرية الأخيرة أسفرت عن استعادة أهم المنشآت الحكومية مثل القصر الجمهوري، مجلس الوزراء، ووزارة الدفاع، إضافة إلى تأمين مطار الخرطوم الدولي، مما يعزز فرص استئناف الرحلات الجوية ويحرم قوات الدعم السريع من الإمدادات الحيوية.
لكن الجيش السوداني لم يقتصر تقدمه على الخرطوم فقط، بل حقق انتصارات استراتيجية في مناطق مثل دارفور وأم درمان، حيث تم استعادة مدن رئيسية كالفاشر ونيالا، مما وجه ضربة قاسية لقوات الدعم السريع. هذا التقدم يثير العديد من التساؤلات: هل نحن على أعتاب بداية العودة للحياة الطبيعية في السودان؟ هل سيحقق الاستقرار السياسي؟

ومع تسارع التحركات السياسية الدولية، يبقى الأمل معلقًا على أن يكون الضغط الدولي هو المحفز الذي يدفع الأطراف السودانية نحو طاولة المفاوضات، في سبيل تسوية سلمية تنهي سنوات من القتال وتفتح الباب أمام استقرار دائم للبلاد.

خطوة استراتيجية هامة:
فيما يتعلق بالتقدم الأخير الذي أحرزه الجيش، في تصريحات حصرية لـ”كوشي”، أكد د. سلام حسن توتو، عضو الحراك الثوري بالمملكة المتحدة وإيرلندا، بأنه يمثل خطوة استراتيجية هامة نحو استعادة السيطرة على البلاد بالكامل. وقال: “هذه العمليات العسكرية ليست مجرد مكاسب على الأرض، بل هي محاولة لاستعادة الاستقرار وضمان الأمن للمواطنين الذين عانوا طويلاً من الاضطرابات.”
ورغم هذا التقدم، أشار توتو إلى أن الطريق نحو الاستقرار ما زال مليئًا بالتحديات. وقال: “في بعض المناطق، لا تزال قوات الدعم السريع تعتمد على تكتيك الكرّ والفرّ، مما يطيل أمد الصراع.” هذه التكتيكات، التي تواصل إطالة أمد الحرب، تؤثر بشكل كبير على المدنيين الذين يعانون من أزمة إنسانية متفاقمة. فقد فرّ أكثر من نصف مليون شخص خلال الشهر الماضي فقط، مما يعمق معاناة النازحين ويزيد من الحاجة إلى المساعدات الإنسانية، سواء من غذاء أو ماء أو رعاية صحية، وشدد على أهمية تكثيف الجهود الإنسانية، مؤكدًا أن توفير المساعدات الأساسية سيكون خطوة حاسمة لتمكين المواطنين من العودة إلى حياتهم الطبيعية. وقال: “الجهود الإنسانية يجب أن تشمل دعم المنظمات الدولية والمحلية مثل الصليب الأحمر والأمم المتحدة، التي تلعب دوراً كبيراً في تخفيف معاناة المتضررين.
وحذر من أن بعض المناطق، خصوصًا في دارفور وكردفان، تواجه خطر المجاعة بسبب تعطل سلاسل الإمداد وصعوبة وصول المساعدات.

وأوضح توتو أن توفير المساعدات الإنسانية يجب أن يكون أولوية قصوى في المرحلة المقبلة، حيث أن غالبية المواطنين الذين يتوقع عودتهم إلى منازلهم فقدوا جميع ممتلكاتهم ولا يملكون أي مصادر دخل. كما شدد على أهمية تكثيف جهود الحكومة السودانية والمنظمات الدولية لتوفير الغذاء، المياه، والاحتياجات الأساسية، بهدف تمكين المواطنين من العودة إلى حياتهم الطبيعية.

فيما يتعلق بالعمليات العسكرية، أوضح توتو أنه يجب على الجيش السوداني تأمين المناطق المحررة ومنع الهجمات المضادة، مع تعزيز مواقعه العسكرية في المناطق التي استعادها. كما أشار إلى ضرورة نشر أجهزة الشرطة والدفاع المدني لتأمين المواطنين والممتلكات، خصوصاَ مع استمرار وجود عناصر إجرامية وعصابات مسلحة تهدد استقرار المناطق المحررة.

وتحدث توتو عن ضرورة التركيز على استكمال العمليات العسكرية في كردفان ودارفور، حيث لا تزال بعض المناطق تحت سيطرة قوات الدعم السريع. وأكد على أن ترك هذه المناطق دون حسم قد يؤدي إلى انتقال النزاع مجدداً إلى مدن أخرى، بما في ذلك العاصمة.
كما شدد على أهمية إعادة تشغيل مؤسسات الدولة وتعزيز الاستقرار، مع التركيز على توفير الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة والمياه. إضافة إلى ذلك، أشار إلى ضرورة إزالة مخلفات الحرب والتخلص من الذخائر غير المنفجرة، التي تشكل خطراً على المدنيين، مع التأكيد على أهمية دفن الجثث المنتشرة في بعض مناطق الخرطوم للحد من المخاطر الصحية.

وفيما يخص العملية السياسية، أشار توتو إلى أن التقدم العسكري للجيش سيزيد من فرص العودة إلى طاولة المفاوضات، ولكنه وفق شروط جديدة يفرضها الجيش. وتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة إطلاق حوار وطني يشمل كافة القوى السياسية والمجتمعية، بهدف وضع خارطة طريق انتقالية تضمن الاستقرار السياسي وتفتح الطريق لإجراء انتخابات ديمقراطية في المستقبل.

بداية جديدة نحو التحرير:
قالت مجموعة “غاضبون بلا حدود” في بيان لها حصلت “كوشي” على نسخة منه: “سقط رهان الفوضى، وسقط معه كل من راهن على الخراب. أولئك الذين ظنوا أن الدم السوداني مجرد ورقة تفاوض، وأن الخرطوم يمكن أن تُختطف دون مقاومة، قد أخطأوا الحساب. لكن هذه ليست نهاية الطريق، بل بدايته. فالذين نهبوا المدن وأحرقوا القرى واغتصبوا النساء يجب أن يدركوا أن ما بدأ في الخرطوم لن يتوقف عندها. كل شبر دُنِّس بوجودهم سيعود، وكل جريمة ارتكبوها ستُحاسب، لأن السودان اليوم لا يُقاد بالخوف، بل بإرادة انتصرت ولن تتراجع.”

وأضافت المجموعة مخاطبة الشعب السوداني: “منذ انطلاق العدوان وبدء المليشيات خططها لاقتلاع السلطة وتفكيك مؤسسات الدولة وابتلاع جيشها وتهجير أصحاب الأرض قسراً، كانت مواقفكم البطولية هي الفيصل، والحائط الذي تكسرت عليه مؤامرة إسقاط البلاد في مستنقع المليشيات والفوضى الخلاقة. هذه لحظتكم، لحظة الفخر والتاريخ، لحظة تثبيت الحقيقة التي حاولوا طمسها، أن هذا الوطن أكبر من المرتزقة، أقوى من الخونة، وأبقى من كل من ظنوا أنهم قادرون على اقتلاعه.”

وأوضحت المجموعة أن “الخرطوم ليست نهاية المعركة. العهد الذي قطعناه هو أن تُطهَّر أم درمان وكل بقاع الوطن، حتى لا يبقى للمليشيا موطئ قدم ولا لجرائمها أثر.”
وختمت المجموعة بيانها بالقول: “انتهى زمن الفوضى، وبدأ زمن السودان الذي لن يُختطف مرة أخرى. رحم الله الشهداء، وشفى الجرحى، وعوداً حميداً للأسرى والمفقودين.”

عدالة السماء:
في قلب الخرطوم وولاية الجزيرة، بعد عامين من المعاناة والدمار، تنفس المواطنون الصعداء مع رحيل الجنجويد الذين لطالما بثوا الرعب في النفوس. لكن هذا التنفس لم يكن خالياً من مرارة، فبعد كل ما مروا به من جراحات وآلام، وفقدان للأحبة والممتلكات، لا يزال الخوف يسيطر على قلوبهم، العديد من الأهالي في الخرطوم وولاية الجزيرة تحدثوا لـ”كوشي” عن مآسي لم يسبق لها مثيل، حيث عاشت المناطق المختلفة موجات متواصلة من هجمات مليشيات الجنجويد المدججة بالأسلحة الثقيلة. ورغم ضعف الإمكانيات، برهن الأهالي على شجاعة منقطعة النظير، تصدوا للقاتل الذي كان يهدد حياتهم بصدور عارية وجباه عالية. دفعوا أرواحهم وذهبهم وأرضهم في سبيل البقاء، في مواجهة آلة الموت التي كانت تسعى لتغيير تركيبهم السكاني وسلبهم مقدراتهم.

على الرغم من سيطرة الجيش، يبدو أن الهموم لم تنته بعد. فقد بقيت آثار الحرب في النفوس قبل الأرض، وما زال هناك شعور عميق بالحيرة والخوف من المستقبل المجهول. وقالوا: “على الرغم من أن الفرحة التي تلوح في الأفق بتحررنا من بطش المليشيات، وجدنا أنفسنا في مواجهة تحديات أكثر صعوبة، متمثلة في المؤسسة العسكرية التي كانت في البداية مصدر أمل، بدأت تظهر بمظهر يثير القلق. التكاثر المستمر للمليشيات المسلحة، وزيادة الصراعات حول السلطة والنفوذ، كلها عوامل جعلت المستقبل يبدو مظلماً أكثر من أي وقت مضى.” في ظل هذا الوضع، تزداد المخاوف من تصاعد خطاب العنصرية والكراهية، الذي يهدد بنزع أمل الوحدة بين أبناء الوطن.

قال المواطن محمد أحمد بصوت مفعم بالحزن والأسى: “عندما رأينا مشاهد مليشيا قوات الدعم السريع وهم يهربون سيرًا على الأقدام عبر كبري جبل أولياء، تذكرت ما حدث لنا في ذات المكان. كنا في يوم من الأيام، نحن وأطفالنا وكبار السن والمرضى، نسير على ذات الكبري، هاربين من بطشهم وقوة سلاحهم. كان قلبنا مكسورًا، وكان الحزن يعصف بنا من كل جانب، نركض بأقدامنا العارية بينما برقتنا أعين الأطفال المنهكة من العذاب. كانت لحظات عصيبة لا يمكن نسيانها. واليوم، وأنا أرى هؤلاء المليشيا يفرون كما فررنا، أشعر بأنها عدالة السماء في الدنيا قبل الآخرة. ما زرعوه من ألم في قلوبنا، اليوم يذوقونه بأيديهم.”

وحدة الوطن وسيادته:

في هذه اللحظات الفارقة، تواصل تنسيقية لجان مقاومة كرري وقوفها الثابت ضد محاولات التفريط في وحدة الوطن وسيادته. وأكدت اللجان، في بيانها الأخير، تمسكها بمبادئها الراسخة في تحقيق العدالة والسلام، معلنةً عزمها على إنهاء وجود الجنجويد بشكل نهائي، وهو جزء من رؤيتها لبناء سودان جديد خالٍ من الظلم.

وفي هذه الأثناء، جددت لجان مقاومة كرري العهد الذي قطعته على نفسها بمواصلة مسيرة التحرير، من أجل تحقيق حلم الشعب السوداني في وطن حر ودولة مدنية عادلة. شعارها الثابت “العسكر للثكنات والجنجويد يتبل” يظل نبراسًا لهم في مسعاهم نحو غدٍ أفضل.
ختاماً ، قدمت ترحمها على أرواح الشهداء الذين قدموا حياتهم فداءً للوطن، مؤكدةً أن نضالها سيستمر بلا تراجع حتى تحقيق العدالة والحرية لجميع أبناء السودان.

المجتمع الدولي يراقب:

مع تصاعد الأحداث في السودان، يواصل المجتمع الدولي متابعة التطورات عن كثب، وسط اهتمام واسع من القوى العالمية والإقليمية. فقد دعت كل من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي إلى ضبط النفس واستئناف الحوار بهدف إنهاء النزاع المستمر الذي أثقل كاهل البلاد وأدى إلى معاناة كبيرة للمدنيين.

في الوقت ذاته، رحبت العديد من الدول العربية والأفريقية بالتقدم العسكري الذي أحرزه الجيش السوداني مؤخرًا، واعتبرت هذه الخطوات بمثابة خطوة أساسية نحو استعادة الأمن والاستقرار في البلاد. ترى هذه الدول في التقدم العسكري محاولة لإعادة السيطرة على الأراضي التي كانت قد خرجت عن يد الحكومة، مما يعزز من آمال العودة إلى الحياة الطبيعية في السودان.

ومع أن المواقف الدولية تتباين، إلا أن هناك إجماعاً على أهمية العمل نحو تسوية سلمية تحقق الاستقرار المستدام للسودان. فقد شددت الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي على ضرورة أن تكون المرحلة المقبلة مرحلة حوار شامل يجمع كافة الأطراف المعنية، في إطار يضمن العدالة والمساواة ويحول دون استمرار دوامة العنف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى