Uncategorized

الناشط في مجال حقوق الإنسان والمهتم بقضايا دارفور، د. عبد الحفيظ

مصطفى موسى، لـ”كوشي”:

في جلسات محاكمة (كوشيب)، استمعت المحكمة إلى شهادات 53 شاهداً.

منح القضاة فترة زمنية قدرها 90 يوماً لتحديد موعد إصدار الحكم.

من المتوقع أيضاً أن تشهد المحاكمة مفاجآت قانونية وتطورات جديدة.

هذه المحاكمة تشكل مرحلة حاسمة في مسار العدالة في السودان.

في الجلسات الأخيرة لمحكمة لاهاي، التي جرت بين العاشر والثالث عشر من ديسمبر 2023، كانت محاكمة علي كوشيب، أحد المتهمين الرئيسيين في جرائم دارفور، بمثابة اختبار حاسم لتحقيق العدالة الدولية. حيث وجه المدعي العام 33 تهمة ضد كوشيب، تتنوع بين جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، مع التركيز على جرائم الاغتصاب الجماعي التي ارتُكبت في دارفور خلال عامي 2003 و2004. وفي هذه الجلسات، استمعت المحكمة إلى 53 شهادة كشفت تفاصيل مرعبة عن الانتهاكات التي ارتكبها المتهم، مما عزز موقف الادعاء وأبرز بشاعة الأفعال المرتكبة.

وتأتي محاكمة كوشيب في توقيت بالغ الحساسية للسودان، حيث يشهد البلد نزاعًا مستمرًا بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. وهذا النزاع يعقد جهود تحقيق العدالة لهذه الجرائم، التي تعد أمرًا جوهريًا لاستعادة الاستقرار والمحاسبة. ومع قرب انتهاء المرافعات في محكمة لاهاي، يترقب المجتمع الدولي مصير هذه المحاكمة التي تمثل خطوة هامة في السعي لتحقيق العدالة للضحايا، خاصة في ظل الظروف السياسية والأمنية المتأزمة التي يمر بها السودان.
وفي هذا السياق، يشارك الناشط في مجال حقوق الإنسان والمهتم بقضايا دارفور، د. عبد الحفيظ مصطفى موسى، في حوار خاص مع “كوشي”، للحديث عن تجربته في حضور جلسات المحكمة الجنائية الدولية، وعن الخطوات القانونية القادمة في المحاكمة، وما تحمله هذه المحاكمة من آمال لضحايا دارفور في تحقيق العدالة. فإلى مضابط الحوار:

حاورته: فدوى خزرجي

*بدايةً، كيف تصف تجربتك في حضور جلسات المحكمة الجنائية الدولية في الفترة الأخيرة؟

تجربتي في حضور جلسات المحكمة الجنائية الدولية كانت غنية وملهمة، حيث أتيحت لي الفرصة للمشاركة في حدث قانوني بالغ الأهمية في مسار العدالة الدولية. في بداية شهر ديسمبر 2023، حضرت جلسات جمعية الدول الأطراف في نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية، التي تناولت قضايا أساسية تتعلق بتوسيع نطاق العدالة الدولية وتعزيز مبادئ المساءلة.

كما أود الإشارة إلى أن الزيارة تمت برفقة وفد يمثل مجموعة عمل “نساء دارفور”، وكانت خلال الفترة من الثاني إلى السابع من ديسمبر 2024. هذه الزيارة منحتنا فرصة ثمينة للقاء المدعي العام وفريق العمل بالمكتب، والتفاعل معهم بشكل مباشر. وقد أضاءت لنا هذه التجربة تفاصيل عمل المحكمة، وسمحت لنا بالاطلاع عن كثب على سير المحاكمات والتطورات القانونية المتعلقة بتحقيق العدالة. كما أتيحت لنا الفرصة للتفاعل مع الخبراء الذين يسهمون في تعزيز العدالة والمساءلة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي.

*دعنا ننتقل إلى محاكمة علي كوشيب، كيف كانت مجريات القضية؟

بدأت المحاكمة الأخيرة لعلي كوشيب في الفترة ما بين العاشر والثالث عشر من ديسمبر 2023. ومن المهم التذكير بأن كوشيب سلم نفسه طواعية للمحكمة في عام 2021 بعد أن جمعت المحكمة أدلة دامغة ضده، شملت تسجيلات صوتية وصورية. ورغم محاولاته للتهرب من التهم عبر محاميه الذي ادعى أن اسمه الحقيقي هو “علي عبد الرحمن علي” وليس “علي كوشيب”، إلا أن المحكمة استطاعت إثبات هويته وأكدت أنه هو الشخص المطلوب للمحاكمة في القضايا المتعلقة بالجرائم التي ارتكبها.

*ماذا عن التهم التي وجهت إلى كوشيب؟

وجه المدعي العام نحو 33 تهمة ضد علي كوشيب، تتضمن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، مع التركيز بشكل خاص على حالات اغتصاب واسعة النطاق في دارفور خلال عامي 2003 و2004. في جلسات المحاكمة، استمعت المحكمة إلى شهادات 53 شاهدًا، حيث تم الكشف عن تفاصيل مفزعة حول تلك الجرائم، مما ساهم في تعزيز موقف الادعاء وأدى إلى تسليط الضوء على بشاعة الأفعال المرتكبة في تلك الفترة.

*كيف تصف محاولة محامي الدفاع في هذه القضية؟

حاول محامي الدفاع في قضية علي كوشيب إبعاد المسؤولية عن موكله، مدعياً أن الجرائم المرتكبة في دارفور هي من فعل قيادات أخرى في الدفاع الشعبي والأجهزة الأمنية التابعة للنظام السابق، مؤكداً أن كوشيب ليس هو المسؤول المباشر. في مفاجأة غير متوقعة، تمسك المحامي بموقف غريب حيث ادعى أن المتهم، علي عبدالرحمن علي، الذي يُعرف بلقب “علي كوشيب”، ليس هو الشخص المتهم في القضية. هذه المحاولة أثارت جدلاً واسعاً، في وقت تجاهل فيه المحامي حقيقة بارزة وهي أن كوشيب سلم نفسه طواعية إلى المحكمة في عام 2021، ما يعكس استعداده لمواجهة العدالة.

وفي الجلسة الأخيرة، فقد نفى المتهم أمام المحكمة بشكل قاطع أن يكون هو علي كوشيب، قائلًا: “أنا لست علي كوشيب. أنا لا أعرف هذا الشخص”. لكن المحكمة تمسكت بموقفها، حيث قدمت أدلة قاطعة وشهادات تؤكد هوية المتهم، مما أضعف من حجج الدفاع. وأشير إلى أن محامي الدفاع والمتهم علي كوشيب تجاهلوا حقيقة مهمة تتعلق بتشكيل الحكومة السابقة لجنة تحقيقات وطنية في عام 2007، التي أكدت مسؤولية كوشيب عن العديد من الجرائم في دارفور. مما يعزز من موقف المحكمة ويقوي التزامها بتحقيق العدالة، حيث أن كافة الوثائق والشهادات المقدمة تدعم بشكل كبير التهم الموجهة ضد المتهم.

*ما هي الخطوات القانونية القادمة في المحاكمة؟

بعد أن استمعت المحكمة إلى المرافعات النهائية من كلا الطرفين، ستبدأ مرحلة تقييم الأدلة واتخاذ القرار بشأن الحكم، مع منح القضاة فترة زمنية قدرها 90 يوماً لتحديد موعد إصدار الحكم. وفي حال تقديم استئناف، قد تمتد هذه الفترة إلى نفس المدة. من المتوقع أن تكون المحاكمة عادلة، ما قد يفتح الباب لمحاكمات أخرى للمتهمين مثل الرئيس المخلوع عمر البشير، أحمد هارون، وعبد الرحيم محمد حسين، الذين يواجهون اتهامات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك جريمة الإبادة الجماعية منذ عام 2003. من المتوقع أيضاً أن تشهد المحاكمة مفاجآت قانونية وتطورات جديدة، من بينها إمكانية إصدار أمر قبض لبقية المتهمين في حال عدم تسليم أنفسهم إلى المحكمة، ما قد يفضي إلى مزيد من الإجراءات القانونية في قضايا جرائم دارفور.

*هل تعتقد أن هذه المحاكمة تمثل خطوة مهمة للعدالة في السودان؟

بالتأكيد، تمثل هذه المحاكمة خطوة هامة نحو تحقيق العدالة في السودان. فقد كان استمرار حالات الإفلات من العقاب السبب الرئيسي وراء الجرائم الوحشية التي ارتُكبت، مثل فض اعتصام القيادة العامة في يونيو 2019، والتي استمرت حتى خلال فترة الحكومة الانتقالية وبعدها. هذا الاستمرار في ارتكاب الجرائم ساهم في تصاعد النزاع الحالي في دارفور، خاصة بالنسبة للضحايا الذين عانوا من جرائم الحرب، الجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية. في ظل الوضع الراهن في السودان، بعد حرب أبريل 2023 وفض اعتصام القيادة العامة في 2019، تبرز أهمية هذه المحاكمة في إرسال رسالة قوية للمتهمين مفادها أن العدالة ستتحقق في النهاية.

*هل لديك رسالة أخيرة حول هذه القضية؟

هذه المحاكمة تشكل مرحلة حاسمة في مسار العدالة في السودان، فهي رسالة قوية وواضحة لكل من ارتكبوا الجرائم بأن القانون لن يتسامح معهم. العدالة ستتحقق، سواء اختار المتهمون المثول أمام المحكمة طواعية أو أُجبروا على ذلك. الأهم من ذلك، أن حقوق الضحايا ستُستعاد، وأن العدالة ستظل هي المنتصر في النهاية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى