Uncategorized

البسمة (تستعصي) على مدني.. فالاحزان كبيرة..والجراحات ( غائرة)

بورتسودان متابعات كوشى نيوز
تقرير/ هاشم عبد الفتاح
تتسارع الخطى بشكل جاد وحثيث في مدينة ود مدني العائدة إلى الحياة بعد أن قبضت (المليشيا) على انفاسها ومزقت (أوصالها) على مدى ثلاثة عشر شهراً ، فالخطى تتسارع في إتجاه توفير الحد الأدنى من مقومات العودة الطوعية لمواطني مدني وقراها المجاورة ، فالمواطنين الذين اخرجتهم المليشيا من ديارهم (قهرا) يتأهبون الآن للعودة..تدفعهم الأشواق (دفعا) إلى ديارهم وبيوتهم الحبيبة رغم أن هذه البيوت فقدت كل مقوماتها (وافرغت) تماماً من كل محتوياتها واصبحت (كخرابات) واطلال..لكنهم يشتاقون إليها وينتظرون من سلطات الولاية أن تعجل (بضخ) المياه وتوصيل وصيانة الكهرباء وتشغيل الأسواق والمستشفيات ونظافة المؤسسات من كل ما لحق بها من تخريب ممنهج ،
الخطة الاسعافية ..!
وكانت حكومة الولاية قد اعلنت صبيحة التحرير لمدني برنامجا اسعافيا (تنفيذيا) عاجلا من عدة محاور ابرزها تأمين المدينة بكل احياءها والمناطق المجاورة لها من خلال نشر قوات كافية من الشرطة وأجهزة الأمن والاستخبارات للقبض على كل (الخلايا) والمتعاونين وفتح النيابات والمحاكم ، حيث وجه وإلى الجزيرة الطاهر إبراهيم الخير كل مواطني ولاية الجزيرة بأن يكونوا (عينا ساهرة) وامينة لرصد أي تحركات مشبوهة والتبليغ الفوري للاجهزة الرسمية حتى تتمكن حكومة الولاية من الشروع في إنقاذ برامج ومشروعات العودة الطوعية ، ووجه الوالي المواطنين بإخراج أي مسروقات في الشارع لأن هناك لجنة (ولائية) خاصة تقوم بالطواف على الأحياء لاخذ هذه المسروقات وتسليمها لاصحابها ، مؤكدا أنهم سيكونون اقوياء وأكثر حرصا على حراسة وحماية حقوق المواطنين .
* تخريب ممنهج..!
أما بخصوص الكهرباء أكد الوالي أن المشكلة الحقيقية تكمن في أن المليشيا نهبت كل الزيوت من المحولات الكبيرة والصغيرة الا أن هناك توجيهات (رئاسية) صدرت في الخصوص من رئيس مجلس السيادة ونائبه الفريق شمس الدين الكباشي بحسب الوالي وأن هذه التوجيهات سيتم تنفيذها في اسرع ما يكون
فبالامس نفذت وزارة البنى التحتية بولاية الجزيرة أولى مشروعاتها للعودة الطوعية بتشغيل (٦٢) محطة مياه منها (١٢) بالطاقة الشمسية وذلك من جملة (٧٦) محطة على مستوى مدينة ود مدني وسط افراح (غامرة) من المواطنين الذين عانوا كثيراً بسبب انقطاع المياه فيما اشار وزير البنى التحتية المهندس أبوبكر عبدالله لدى افتتاحه حفل تشغيل محطة مياه حي مايو جنوب أشار إلى أن المليشيا احدثت (خرابا ) كبيرا في البنى التحتية بمدني ، إلا أنه تعهد بإرجاع البنيات التحتية بأفضل مما كانت عليه في ظرف ثلاثة أيام فقط .
* ملاحقة الخلايا والمتعاونين..!
وكانت اللجنة الامنية بولاية الجزيرة قد عقدت أول اجتماع لها أمس برئاسة وإلي الجزيرة واقر الاجتماع ضرورة بسط الأمن بتامين كل أحياء مدني وملاحقة كافة الخلايا النائمة والمتعاونين مع المليشيا ، حيث اكد اللواء عبد الإله عبدالله مدير شرطة ولاية الجزيرة في (تصريحات صحفية) انهم نشروا قواتهم في كل الاحياء ، مشيراً إلى أنه ستكون هناك لجنة لحصر المفقودات في مؤسسات الدولة وبيوت المواطنين في الوقت الذي كثفت فيه له فرق الدفاع المدني والهلال الأحمر السوداني من حملاتها لجمع ودفن الجثث وتعقيم ونظافة المدينة وتحسين البيئة الصحية فيها .
* أنهم يسرقون لبن الأطفال..!
ويبدو أن المليشيا افرقت مدني من كل ما لدى المواطنين من (قوت) ونهبت وعطلت الاسواق الأمر الذي زاد من معاناة المواطنين في سبيل الحصول على (حد الكفاف) لأن المليشيا كانت تنهب كل شئ تجده في بيوت وايدي المواطنين فكانوا ينزعون من الأطفال (لبنهم) وخبزهم ..هكذا كانت تروى القصص والحكاوى من المواطنين وقد ظهرت معاناة الأسر في وجوههم الشاحبة وبطونهم (الضامرة) ، وكنا قد رصدنا نحن مظاهر ارتال من المواطنين نساءا ورجالا وأطفال (جوعى) يتجولون بشارع النيل (قبالة) مقر حكومة الولاية شيوخ ونساء كبار سن يبحثن عن (لقمة) عيش أو قطعة خبز .
وربما أدركت حكومة الولاية والكثير من الجهات الخيرية أن الأولوية في مدني الآن هى (إغاثة الجوعى) فحرصت على تقديم يد العون لهم بمثل ما فعلت وزارة الداخلية التي تحمل على ظهرها (ألف جوال دقيق) وألف جوال (فول مصري) سندا لهؤلاء الجوعى كما جاءت بعض الولايات (بقوافلها) الإنسانية والغذائية من بحر أبيض ومن كسلا ومن النيل الازرق.
* وجاء أهل الشمال ..!
وجاءت شركة الشمال لانتاج الاسمنت وعلى يديها قافلة دقيق محملة بعدد (١٧) ألف و (٤٠٠) جوال دقيق وأكد الأستاذ أحمد محمد عثمان المستشار بمفوضية العون الإنساني أن ولاية الجزيرة تعتبر من أكثر الولايات التي مرت بظرف إنساني حرج وان هناك اكثر من (٣,٨) مليون شخص تعرضوا إلى انتهاكات جسيمة بولاية الجزيرة من قبل المليشيا وأكثر من (١,٨) مليون شخص تعرضوا إلى ما يعرف (بالتهجير القسري ) ، وهذه تعتبر واحدة من مكونات الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب ولذلك فإن التدخل الإنساني يعتبر من أكبر التحديات التي تواجهنا ، ولكن أعتقد أن هذا التحدي مقدور عليه عندما تكون هناك شراكة مع الجهات الخيرية والمانحة كشركة الشمال للأسمنت ويجب هنا أن نرسل صوت شكر إلى حكومة ولاية الجزيرة وهى تقف هذه الوقفة الجبارة بكامل حكومتها لمعالجة الأوضاع الإنسانية مما يعطي رسالة إيجابية للمانحين الوطنيين وللمنظمات الأجنبية ولوكالات الأمم المتحدة أن هلموا للتدخل واستنفار مجهوداتكم الإنسانية لأنه آن الأوان بأن يقف المجتمع الدولي ومنظمات المجتمع المدني والأمم المتحدة مع انسان ولاية الجزيرة (المكلوم) والذي صمد كثيرا ، وهنا لا بد من صوت شكر لرجل البر والإحسان أحمد إسماعيل صالح رئيس مجلس إدارة شركة الشمال للأسمنت والذي ظل يقوم بعمل غير مسبوق في مجال الأمن الغذائى خصوصاً أننا نتحدث عن أكثر من (٢) مليون جوال دقيق قدمها هذا الرجل كمساعدات إنسانية على مستوى السودان وناشد المفوض كافة منظمات المجتمع المدني بالتدخل الجاد والعاجل حتى يحدث إختراق في منظومة الأمن الغذائى بالجزيرة ونؤكد أن حكومة السودان تسعى وبشكل جاد لتطبيع الوضع الإنساني في السودان ونحن نسعى باستمرار إلى استنفار المنظمات العالمية بأن الجزيرة آمنة وصالحة لإجراء العمليات الإنسانية وقد شاهدنا مآسي يندي لها الجبين خصوصاً أننا نتحدث عن نزوح متعدد المخاطر ، والنزوح (المتطاول) ونحن في المفوضية الا يتم تخزين أي مساعدات انسانية.
* وتتوالى ارتال العائدين..!
وقد شهدت مناطق وأحياء مدينة ود مدني خلال الأيام القليلة الماضية التي تلت عملية التحرير ارتال العائدين إلى ديارهم يحملون على رؤوسهم واكتافهم معينات العودة يشتاقون إلى بيوتهم وإلى جيرانهم الذين شردتهم الحرب وتفرقوا ما بين (اصقاع الارض) وفجاجها يبتغون (ملاذا آمنا) ، لكنهم الآن عائدون ..عائدون رغم الأحزان والاوجاع والمآسي .
ورويدا.. رويداً بدات مدينة الجمال (تتنفس) وتحرك أطرافها وجسدها (المنهك) ..وتحاول كذلك أن تضغط على آلامها لتعيد ابتسامتها (القديمة) لكنها ربما لم تستطع الآن فالحزن كبير ..والجراح لازالت (غائرة) .
صحيح أن بعض الأسواق في مدني وفي بعض القرى والمدن المحيطة بدأت تنشط فيها حركة البيع والشراء لكن يبدو أن هذه الحركة قاصرة فقط على احتياجات وضروريات الأكل والشراب فقط ، فمثلا في منطقة المدينة عرب شاهدنا ملامح التجارة والسوق القديم تطل من جديد .كما نشطت حركة النقل عبر عربات الكارو ما بين الأحياء والأسواق خصوصاً الأحياء الشرقية والغربية لمدينة ود مدني .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى