أعمدة الرأي

آثار الحرب علي العملية التعليمية

سنية اشقر
سنية اشقر… تكتب
آثار الحرب على العملية التعليمية
عانا قطاع التعليم في السودان من الإهمال المتعمد،  حيث تُعدُّ العملية التعليمية من الركائز الأساسية لنهوض المجتمعات وتقدمها، ولكنها غالباً ما تكون من أولى ضحايا الحروب والصراعات المسلحة، وجاءت الحرب وزادت طين الإهمال في العملية التعليمة بلة، ايام وتكمل الحرب عامها الثاني فلا استقرار في العملية التعليمة حيث دمرت الحرب أكثر من ١٠،٠٠٠ مدرسة من جملة ٢٢،٠٠٠ ألف مدرسة، وتأثر لما يزيد على 90 في المائة من الأطفال في البلاد، وعددهم 19 مليوناً في سن الدراسة، و 7 ملايين خارج النظام التعليمي قبل الحرب، مما جعل البلاد تعاني «أسوأ أزمات التعليم في العالم»، كما وصفتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة ” يونسيف” (الشرق الأوسط ١٦ سبتمبر ٢٠٢٤). أما المدراس فقد تحولت بعض منها في الولايات التى ليس بها نزاع الي ملاذ للنازحين، فضلا عن احتلال وتدمير بعضها من طرفي الحرب، 

  تدمير البنية التحتية التعليمية

أدت الحرب إلى تدمير واسع في البنية التحتية للمدارس فقد تم قصف العديد من المؤسسات التعليمية أو تحويلها إلى ثكنات عسكرية أو ملاجئ للنازحين، ما جعل استخدامها لأغراض التعليم أمراً مستحيلاً. كما أدى انقطاع الكهرباء والمياه وخدمات الإنترنت إلى إضعاف قدرة المدارس على العمل، حتى في المناطق التي لم تتعرض للتدمير المباشر.

   تشريد الطلاب والمعلمين

أجبرت الحرب ملايين السودانيين على النزوح من منازلهم، من بينهم مئات الآلاف من الطلاب والمعلمين. هذا التشريد أدى إلى توقف التعليم في عدد كبير من الولايات، وخلق صعوبة بالغة في مواصلة الدراسة، خاصة في ظل غياب مدارس بديلة أو مراكز تعليمية طارئة. وانقطعت العملية التعليمة في كل ولايات النزاع بسبب انعدام الأمن وانهيار الخدمات، تم تعليق الدراسة في معظم المدارس لأشهر طويلة.وعندما فتحت المدارس في ظروف لاتليق بالعملية التعليمة النازحين موجودي في المدارس والطلبة في بعض الفصول، بعض المؤسسات حاولت تقديم التعليم عن بُعد، لكن ضعف البنية التحتية التقنية وانتشار الفقر وغياب الإنترنت حال دون نجاح هذه المبادرات. هذا الانقطاع أدى إلى انقطاع الطلاب من الدراسة  وخلق فجوة معرفية مع انتشار مصطلحات ولغة جديدة في الحرب سيكون من الصعب تعويضها مستقبلاً.
كل ذلك أثر في الحالة النفسية للطلاب والمعلمين بشكل عميق بسبب العنف، وفقدان الأحبة، والتهجير القسري. توقف المرتبات مع الضغوط الاقتصادية، كثير من الأطفال يعانون من اضطرابات القلق، والاكتئاب، واضطراب ما بعد الصدمة، ما يؤثر سلباً على قدرتهم على التركيز والتعلم. كما أن تفكك الروابط الاجتماعية والنزوح عن المجتمعات المحلية قلل من فرص تفاعل الطلاب والمعلمين في مجتمعات النزوح.

مع تفاقم الأزمة الاقتصادية وتوقف التعليم، ازدادت حالات تسرب الأطفال من المدارس، خاصة في المناطق الريفية ومخيمات النزوح. ونتيجة لذلك، لجأ بعض الأطفال إلى العمل لإعالة أسرهم، أو تعرضوا لخطر التجنيد القسري من القوات المتحاربة أو الاستغلال .

   ضعف جودة التعليم

حتى في المناطق التي استمر فيها التعليم جزئياً، كانت الجودة متدنية جداً بسبب نقص المعلمين، والمواد التعليمية، وانخفاض الرواتب، وعدم الاستقرار الأمني. كما أن غياب التدريب والتأهيل المهني للكوادر التعليمية زاد من تردي جودة التعليم.

   اخيرآ
إن الحرب في السودان لم تدمر فقط المباني والطرق، بل طالت العقول والآمال والطموحات، وخاصة في قطاع التعليم. ومع أن التحديات جسيمة، فإن إعادة بناء النظام التعليمي يجب أن تكون من أولويات جهود السلام والإعمار، لأن التعليم هو المفتاح الوحيد لبناء مستقبل أكثر استقراراً وإنصافاً. لا يمكن الحديث عن تنمية أو سلام دائم من دون تعليم يضمن لكل طفل سوداني الحق في بيئة آمنة وعادلة للتعلم والنمو.
سنية أشقر 
أبريل/٢٠٢٥

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى